الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على
سيدنا محمد صلى الله عليه وسلّم ، الصادق
الوعدِ الأمين ..
اللهمّ أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم ،
إلى أنوار المعرفة والعلم ومن وحول
الشهوات إلى جنّات القُربات 
بسم الله نُكمل مسيرنا في رُبا السيره بإذن الله
،
وسنتناول اليوم في درسنـا حديث شريف عن النبيﷺ ..
ونبدؤه بِغير العاده - بمقطع فيديو - قَصير
شاهدوا معي 

-https://www.dropbox.com/s/ pipewwu2gixjth1/video%20%D9% A2%D9%A6%E2%80%8F-%D9%A1%E2% 80%8F-%D9%A2%D9%A0%D9%A1%D9% A6%20%D9%A8%20%D9%A3%D9%A3%20% D9%A4%D9%A8%20%D9%85.mp4?dl=0
يجمع الله الخلائق يوم القيامة ، الأولين منهم والآخرين في يوم طويل قدره، عظيم هوله، شديد كربه، حذر الله منه عباده وأمرهم بالاستعداد له ، تدنو فيه الشمس من الخلق ، حتى تكون منهم قدر ميل ، فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرَق ، فمنهم من يَبْلُغُ عَرَقُهُ عَقِبَيْهِ ، ومنهم من يبلغ إِلَى نِصف السَّاقِ ، ومنهم من يبلغ إلى رُكْبَتَيْهِ ، ومنهم من يبلغ الْعَجُزَ ، ومنهم من يبلغ الْخَاصِرة ، ومنهم من يبلغ مَنْكِبَيْهِ ، ومنهم من يبلغ عُنُقَهُ ، ومنهم من يبلغ وَسَطَ فِيهِ ، ومنهم من يُغَطِّيهِ عَرَقُهُ 

ففي ذلك الموقف العظيم يُظِل الله في ظله
هؤلاء السبعة ، فلنتأمل أعمالهم التي
أوجبت لهم هذا الجزاء العظيم؟ :"
(١) الإمام العادل ⚖ :
الذي يحكم بين الناس بالحق ولا يتبع الهوى ، كما قال تعالى: ﴿ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ﴾
ممتثلاً أمر ربه له سبحانه إذ يقول: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾
وثوابـــــــــه
؛
عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ : الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا) أخرجة مسلم والنسائي.
(٢) شاب نشأ في عبادة الله
:
الذي وفقه الله منذ نشأ للأعمال الصالحة ، وحببها إليه ، وكره إليه الأعمال السيئة وأعانه على تركها ، وحفظه مما نشأ عليه كثير من الشباب من اللهو واللعب ، وإضاعة الصلوات ، والانهماك في الشهوات والملذات، وقد أثنى الله على هذا النشء المبارك بقوله تعالى:
﴿ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ﴾
ولما كان الشباب داعيًا قويًّا للشهوات ، كان من أعجب الأمور الشاب الذي يلزم نفسه بالطاعة والاجتهاد فيها، فاستحق بذلك أن يكون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله .. لانه علم أنه مسؤول عن شبابه فيما أبلاه ، فعمل بوصية نبيه صلى الله عليه وسلم التي أوصى بها فقال : (اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هِرَمِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ). 
(٣) رجلٌ قلبه مُعلق بالمساجد
:
فلا يكاد إذا خرج من المسجد أن يرتاح لشيء حتى يعود إليه ، لأن المساجد بيوت الله ، ومن دخلها فقد حلَّ ضيفًا على ربه ، فلا قلب أطيب ولا نفس أسعد من رجل حل ضيفًا على ربه في بيته وتحت رعايته ..
(٤) رجلان تحابَّا في الله اجتمعا عليه وتفرَّقا عليه
؛
قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾
وفي الحديث عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ وَأَبْغَضَ لِلَّهِ وَأَعْطَى لِلَّهِ وَمَنَعَ لِلَّهِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ) أخرجة أبو داود.
وهذه إحدى الخصال التي يجد بها العبد حلاوة الإيمان ولذته، فهذان الرجلان لم تجمعهما قرابة ولا رحم ولا مصالح دنيوية، وإنما جمع بينهما حب الله تعالى، حتى فرق بينهما الموت وهما على ذلك
عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اسْمَعُوا وَاعْقِلُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عِبَادًا لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ عَلَى مَجَالِسِهِمْ وَقُرْبِهِمْ مِنْ اللَّهِ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْأَعْرَابِ مِنْ قَاصِيَةِ النَّاسِ وَأَلْوَى بِيَدِهِ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ نَاسٌ مِنْ النَّاسِ لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ عَلَى مَجَالِسِهِمْ وَقُرْبِهِمْ مِنْ اللَّهِ انْعَتْهُمْ لَنَا - يَعْنِي صِفْهُمْ لَنَا - فَسُرَّ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسُؤَالِ الْأَعْرَابِيِّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُمْ نَاسٌ مِنْ أَفْنَاءِ النَّاسِ وَنَوَازِعِ الْقَبَائِلِ لَمْ تَصِلْ بَيْنَهُمْ أَرْحَامٌ مُتَقَارِبَةٌ تَحَابُّوا فِي اللَّهِ وَتَصَافَوْا يَضَعُ اللَّهُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ فَيُجْلِسُهُمْ عَلَيْهَا فَيَجْعَلُ وُجُوهَهُمْ نُورًا وَثِيَابَهُمْ نُورًا يَفْزَعُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يَفْزَعُونَ وَهُمْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ الَّذِينَ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) رواه مسلم.
(٥) رجل دعته امرأة إلى نفسها ؛
وليست كأي امرأة بل هي امرأة لها مكانة ومنزلة رفيعة ، وقد أعطاها الله من الجمال ما يجعل الفتنة بها أَشَدّ، والتعلق بها أعظم !
ولكن ذكر قوله تعالى : ( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) ، فقال إني اخافُ الله ربَّ العالمين :"""
^ يا الله ! كيف ينجو مَن وقع في مثل ذلك الموقف إلا بإيمان عميق وبصيرة نافذه 

(٦) رجل تَصَدَّقَ بصدقة 
؛
ما أكثر المتصدقين، وما أعظمَ أجورَهُم عند الله، لكن الذي تميز به هذا المُتَصَدّق ونال به هذا الأجر العظيم - وهو إظلال الله له -، إخلاصه في صدقته، فقد بلغ به الإخلاص حتى كاد أن يخفيها عن نفسه لو استطاع
.. وقد مدح الله المتصدقين، فقال: ﴿ إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ﴾ ثم خص المُسِرِّين فقال: ﴿ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾
(٧) رجل امتلأ قلبه بمحبة الله وخشيته وتعظيمه
؛
ذكر الله بمكان خالٍ لا يراه إلا هو ، ذكر عظمته وفضله عليه ورحْمَتَهُ فدمعت عيناه شوقًا إليه ، وفي هذا وأمثاله يقول الله تبارك وتعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾
وقال تعالى: ﴿ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ﴾
وقفـــــــه
:
ذِكر الرجال في هذا الحديث لا مفهوم له ، إذ تدخل النساء معهم فيما ذُكر إلا في موضعين ، هما :
وأخيـــــــرًا 
؛
(١)
إِذا ما خَلَوتَ بِرِيبَةٍ في ظُلمَةٍ
وَالنَفسُ داعيَةٌ إِلى الطُغيانِ
فاِستَحي مِن نَظَرِ الإِلَهِ وَقُل لَها
إِنَّ الَّذي خَلَقَ الظَلامَ يَراني
(٢)
إِذَا مَا خَلَوْتَ الدَّهْرَ يَوْمًا فَلا تَقُلْ
خَلَوْتُ وَلَكِنْ قُلْ عَلَيَّ رَقِيْبُ
وَلَا تَحْسَبَنَّ اللهَ يَغْفَلُ سَاعَةً
وَلا أَنَّ مَا يَخْفَى عَلَيْهِ يَغِيْبُ
لَهَوْنَا لَعَمْرُ اللهِ حَتَّى تَتَابَعَتْ
ذُنُوبٌ عَلَى آثَارِهِنَّ ذُنُوْبُ
فَيَا لَيْتَ أَنَّ اللهَ يَغْفِرُ مَا مَضَى
وَيَأْذَنَ في تَوْبَاتِنَا فَنَتُوْبُ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق